تعقيب المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية على مقال جريدة الإندبندنت البريطانية حول حالات اختطاف طائرات مصر للطيران وتأثيرها على أمن الطيران فى مصر

في أعقاب حادث الاختطاف الذي تعرضت له طائرة شركة مصر للطيران بالأمس وانتهاء المواجهة دون وقوع إصابات، اتصل وزير الخارجية سامح شكري بنظيره القبرصي للإعراب عن امتنانه للمساعدة الكبيرة التي قدمها الجانب القبرصي في هذه المسألة. كان رد الوزير القبرصي مطمئنا، حيث قال: “هذا هو الحال بين الأصدقاء… يقفون إلى جوار بعضهم فى الشدائد” والواقع أن هذه الأوقات بالفعل هي التي تميز بين الأصدقاء وأولئك الذين يحملون نوايا سيئة تجاهك

ليس هناك شك في أن حادث الأمس كان مخيفا حتي انتهائه. ومع ذلك، فلا يمكننا تجاهل أن الحادث مثّل مجموعة فريدة من الأحداث غير المتوقعة التي انتهت والحمد لله دون وقوع إصابات، كما تكّشف في وقت لاحق أن الخاطف لم يكن يحمل أي متفجرات حقيقية. وفي هذا السياق، فإن ادعاء صحيفة الاندبندنت أن هذا الحادث يضع أمن الطيران في مصر “تحت التدقيق المتزايد” هو أمر مثير للتعجب والحيرة. فقد قررت الصحيفة نشر قائمة حوادث خطف طائرات تابعة لشركة مصر للطيران على مر التاريخ، باعتباره تذكير هام على ضوء (استثنائية) حادث الأمس، وكذلك الحادث المأساوي لطائرة متروجت في أكتوبر الماضي (وهو الحادث الذي لم ينطو على اختطاف، وتعرضت له طائرة لشركة طيران أخري تحمل جنسية دولة أخري)

ويسرد مقال الاندبندنت سبع حوادث اختطاف تثير مخاوف بشأن أمن الطيران المصري بحسب الصحيفة المذكورة. وبنظرة سريعة لهذه الحوادث السبع نجد أن أحدث خمس منها لم تسفر عن وقوع إصابات، كما أن اثنين من الحوادث تضمنا شخصين يحملان سلاحاً أبيض، في حين تضمنت ثلاث حوادث أخري مخادعة، حيث لم تستخدم أي أسلحة علي الإطلاق (مثل حادث الأمس). وفي أحدث واقعتين تم التعامل مع الخاطفين من جانب الطاقم، حتي أنه لم يتم تحويل اتجاه الطائرة. وفي الواقع فإن الحادثتين الوحيدتين اللذين تمكن فيهما الخاطفون من الصعود إلي الطائرة وهم مسلحون كانا قبل عام 1990. وبالتبعية لا يمكن تفهم الدوافع التي ترمي إلي اعتبار قيام ركاب بإصدار تهديدات فارغة بشكل متقطع علي مدار عقدين من الزمان بمثابة داع للتدقيق في أمن الطيران المصري

إن حوادث الاختطاف الفاشلة والإنذارات الكاذبة على متن الطائرات ليست حوادث غير معهودة، كما أنها ليست خاصة بمصر وخطوطها الجوية. ففي فبراير عام 2014 تم تحويل اتجاه طائرة تابعة لشركة بيجاسوس بعد أن ادعى أحد الركاب المخمورين زورا بوجود قنبلة على متن الطائرة. وفي مارس عام 2015، أوقفت شركة يونايتد ايرلاينز أحد الركاب وتم ضبطه بعد أن زعم ​​أنه يحمل قنبلة ومحاولته اقتحام قمرة القيادة أثناء رحلة من دنفر إلى دالاس. وفي ديسمبر عام 2015، قامت طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية بالهبوط اضطراريا في مونتريال بعد تهديد مجهول بوجود قنبلة علي متن الطائرة. ولم تسفر أي من هذه الحوادث عن مطالب للتدقيق في أمن الطيران بهذه الشركات أو البلدان، وهو أمر طبيعي بلا شك

إنه من الواجب علي الشركات والدول أن تبذل كل ما في وسعها لضمان أمن المسافرين ومنع الأسلحة أو المواد الخطرة من التسلل على متن رحلاتها. وإذا كان هناك إجراء أمني يمكن اتخاذه لمنع الركاب غير المستقرين نفسيا من توجيه التهديدات الفارغة، فيبدو أن كتاب صحيفة الاندبندنت وحدهم علي علم بهذا الإجراء. فخلال حادث الأمس، والذي يشبه إلى حد كبير الحوادث المذكورة أعلاه، عمل طاقم الطائرة على افتراض أن التهديد حقيقي من أجل ضمان سلامة جميع من كانوا على متن الطائرة حتى يمكن نزع فتيل الأزمة. ومن الواضح أن هذا هو الأمر الأكثر منطقية علي ضوء ظروف الحادث، ونظرا لأنه لا يوجد شيء كان يمكن القيام به لمنع الخاطف من الادعاء بأن لديه متفجرات، إلا أن بعض الصحف مثل الإندبندنت تستمر مرارا وتكرارا في تصوير أي حدث بارز ينطوي على كلمة “مصر” باعتباره دليل آخر على مزاعم “عدم الاستقرار” و”انعدام الأمن” في البلاد

إن استغلال حادثة معزولة، استثنائية، لا يمكن تجنبها في نهاية المطاف، للتشكيك في الأمن المصري لهو أمر غير صادق فضلا عن كونه ضارا، لا سيما في ضوء التحديات الحالية التي تواجهها صناعة السياحة في مصر وتضافر الجهود الحكومية لتعزيز أقوى التدابير الأمنية الممكنة في المطارات المصرية، وهو بلاشك معيار مزدوج بشكل صارخ لا ينطبق على البلدان وشركات الطيران الأخرى التي تشهد حوادث مماثلة، ومع الأسف يبدو أن الدافع الوحيد وراء مثل هذا النهج هو التشهير المتعمد بمصر

إن إبداء مخاوف لا داعي لها بشأن أمن الطيران ليس فقط أمر غير عادل بالنسبة لمصر، والتي تجد نفسها باستمرار موضع انتقاد وسخرية بدلا من التضامن في أعقاب الأحداث البارزة بما في ذلك الهجمات الإرهابية، بل هو أيضا أمر غير مسؤول في ضوء القلق الحالي بشأن الأمن بشكل عام في جميع أنحاء العالم. وفي جو عالمي من الخوف الطاغي والتهديد الإرهابي المستمر، فإنه يبدو من غير الملائم وغير المهني أن يتم نشر الذعر بهذا الأسلوب

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s