مصر والجامعة العربية…… تاريخ ومستقبل

 

تحتفل الدول العربية اليوم 22 مارس 2015 بذكرى انشاء جامعة الدول العربية، الإطار الجامع الذى انضوى تحته العرب لأكثر من سبعة عقود خلت استطاعت الجامعة خلالها خدمة المصالح العربية والوقوف فى وجه العديد من التحديات التى ألمت بمنطقتنا العربية واستطاعت من خلالها الدول العربية تحقيق الكثير والكثير من الانجازات على صعيد العمل العربى المشترك 

ولمصر مع الجامعة تاريخ طويل يضع مزيداً من المسئولية على مصر لدعم مستقبل الجامعة لتمكينها من القيام بمهامها، وقد جاء فوز المرشح المصرى أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية المصرى الأسبق، بمقعد الأمين العام لجامعة لدول العربية مؤخراً إضافة جديدة فى مسيرة العلاقة الخاصة بين مصر والجامعة العربية، ولترسى هذه الخطوة حجر أساس جديد فى بنيان جامعة العرب تستكمل به مسيرتها فى مواجهة المخاطر والتحديات الجمة التى تواجه أمتنا العربية. ونتطلع فى مصر، ويشاركنا الأشقاء فى الدول العربية، الى أن يتمكن الأمين العام الجديد من استكمال الجهود الكبيرة التى قام بها الأمين العام السابق الدكتور نبيل العربى فى توجيه دفه العمل العربى المشترك داخل جامعة الدول العربية بما يعزز من قدرة الدول العربية على تحقيق طموحات الشعوب العربية فى الاستقرار والتنمية. وأود أن أؤكد فى هذا الصدد على أن مصر ستبذل قصارى جهدها داخل الجامعة وبالتنسيق مع الأشقاء العرب لتمكين الجامعة العربية من آداء دورها العروبى وتعزيز آليات التعاون والتضامن بين الدول العربية خلال المرحلة القادمة

       إن علاقة مصر بجامعة الدول العربية علاقة تاريخية، ترجع الى ما قبل إنشائها. فلقد شكل “بروتوكول الإسكندرية” الوثيقة الأساسية التى بُنى عليها ميثاق الجامعة العربية، والذى تم توقيعه بناء على المشاورات التى دعا إليها مصطفى النحاس باشا، ليتم إقرار ميثاق الجامعة العربية بمقر الخارجية المصرية فى مارس 1945، وليتم تعيين الأمين العام الأول لها وهو الدبلوماسى المصرى عبد الرحمن عزام باشا وليتولى من بعده 7 مواطنون مصريون منصب أمانة الجامعة من أصل ثمانية أمناء عامين لها وهم (عبد الرحمن عزام/ محمد عبد الخالق حسونه/ محمود رياض/ أحمد عصمت عبد المجيد/ عمرو موسى/ نبيل العربى/ أحمد أبو الغيط). ولاريب أنه كان لكل قامة من هؤلاء اسهاماته التى لن ينساها التاريخ، ودوره الرائد فى تعزيز دور الجامعة العربية وتطوير آليات عملها استنادا لما يملكه من خبرات دبلوماسية كبيرة، بالإضافة الى الحفاظ على آليات عملها دون توقف، حتى فى أحلك اللحظات التى مرت بها المنطقة العربية

       وأود هنا أن أوضح للمشككين فى جدوى بقاء الجامعة، أن مسيرة العمل العربى المشترك قد شهدت فى إطار جامعة الدول العربية العديد من الانجازات على المستويات الاقتصادية والسياسية التى لا يمكن اغفالها، فقد أسهمت الجامعة فى بداياتها وبشكل فاعل فى دعم تحرير أجزاء كبيرة من العالم العربى ومساندة تحرير العديد من الدول الأفريقية والآسيوية، كما شهدت الجامعة وعلى مدار تاريخها العريق، إنشاء العديد من الهيئات كالاتحادات العربية النوعية مثل الاتحاد العربى للمواصلات السلكية واللاسلكية، واتحادات إذاعة الدول العربية، التوقيع على العديد من المواثيق كميثاق الوحدة الثقافية العربية وميثاق المعلم العربى، واتفاقيات التعاون العربى فى العديد من المجالات، وتأسيس الصندوق العربى للإنماء الاقتصادى والاجتماعى، والأكاديمية العربية للنقل البحرى لتوفير الكوادر البشرية العربية فى مجالات الملاحة البحرية، والصندوق العربى للمعونة الفنية للدول الأفريقية، وإنشاء مجالس كل من وزراء الداخلية ووزراء الإسكان والتعمير ووزراء الكهرباء العرب، وإصدار الميثاق العربى لحقوق الإنسان وإنشاء صندوق القدس والأقصى عقب اندلاع انتفاضة الأقصى، وإقرار ميثاق العمل الإعلامى العربى المشترك، وغيرها من عشرات الفعاليات والمجالس والمواقف والقرارات التى أسهمت فى دفع العمل العربى المشترك، والتى أسهمت مصر فيها بشكل فاعل ومؤثر

       وبرغم نجاح الجامعة على مدى سنوات عملها فى تخطى العديد من التحديات، إلا أن ما تمر به الأمة العربية حالياً يعد تحدياً غير مسبوق، خاصة مع تزايد مخاطر تفتيت الدولة الوطنية وانتشار ظاهرة الإرهاب والتطرف فى العديد من الدول العربية، الأمر الذى يدفعنا إلى التفكير الجاد والسريع فى كيفية تطوير عمل الجامعة لتستجيب للتحديات المماثلة. إن عملية التطوير يجب ألا تتأخر، وأن تتضافر الجهود العربية لتوثيق العمل لمواجهة التطرف والإرهاب والتكاتف لتحسين معيشة الشعوب العربية ، وزيادة معدلات التنمية لتوفير عدد أكبر من فرص العمل بما يستوعب حجم العمالة الجديدة الشابة فى سوق العمل العربى

إن إيمان مصر بدور جامعة الدول العربية ثابت ولن يتغير، حيث ترى أن الظروف الراهنة والتدخلات الخارجية فى الشأن العربى تستدعى تنسيقاً أكبر بين أعضاء الجامعة وتفعيلاً لأطر الشراكة والتعاون القائمة، بل وإيجاد آليات جديدة تستجيب للتحديات، ومن بين تلك الآليات القوة العربية المشتركة التى اقترحتها مصر، والتى تستهدف خلق آلية تنفيذية فاعلة فى مواجهة التحديات الأصيلة التى يتعرض لها النظام العربى. فلا غنى للعرب عن الإطار متعدد الأطراف الذى يجمعهم من المحيط إلى الخليج مهما بلغت قوة التنسيق على المستوى الثنائى، كما أن الجامعة العربية وتفعيل دورها أصبح أكثر إلحاحاً فى المرحلة المقبلة للحد من التدخلات الخارجية سواء كانت من دول الجوار الاقليمي أو من قوى أخرى خارجية

 وفى الختام، أود أن أؤكد مجددا التزام مصر بدعم الجامعة العربية لتظل بيت العرب الذى يلتئم فيه الأشقاء فى أوقات المحن والشدائد للدفاع عن مصالح الأمة العربية فى مواجهة ما يتهددها من أخطار

 

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s